انتهاء ظاهرة التهريب عبر الانفاق الحدودية برفح

تلقط ظاهرة التهريب عبر الأنفاق الحدودية التي ظلت سائدة نحو سبع سنوات أنفاسها الأخيرة، وتبدو ملايين الدولارات التي استثمرت من أجل حفر الأنفاق وكأنها في مهب الريح.
وتزايدت أعداد الأنفاق المكتشفة والمغلقة من قبل الجانب المصري بالتدريج، بينما تتناقص أعداد
الأنفاق التي ما زالت تعمل، ودون أي بديل هجر المهربون ومالكو الأنفاق التي أطلق عليها مصطلح “المعابر الأرضية” أنفاقهم، التي استثمروا في حفرها وتجهيزها ملايين الدولارات.
ويؤكد العديد منهم أن ما حدث ويحدث أسوأ بكثير مما كانوا يتوقعونه، وقد أيقنوا أن هناك تصميما مصريا على إنهاء ظاهرة التهريب عبر الحدود وإغلاق كافة الأنفاق، بما فيها الصغيرة منها التي تهرب سلعا وبضائع خفيفة.
ويقول أحد المهربين ويدعى “أبو محمد” إن السلطات المصرية دمرت معظم الأنفاق، إما عبر المتفجرات أو من خلال ضخ المياه ومخلفات البناء فيها، منوها إلى أن خلق منطقة عازلة بعمق مئات الأمتار في الجانب الآخر من الحدود يصعب على أي شخص حفر نفق جديد مهما استخدم من أساليب.
وأوضح “أبو محمد” أن ملايين الدولارات دفنت وتدفن تحت الأرض، بعد أن استثمرها مالكو الأنفاق في حفر الأنفاق، ووضعوا بداخلها آلاف الأمتار المكعبة من الأخشاب ومعدات أخرى في باطن الأرض، مشيرا إلى أنهم قد لا يستطيعون استغلالها في المستقبل في حال بقيت الظروف على حالها.
وأعلنت السلطات المصرية، مؤخرا، عن تمكن عناصر حرس الحدود والهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية من تدمير ثلاثين نفقا على مدار الأيام القليلة الماضية، ليبلغ إجمالي الأنفاق التي تم تدميرها منذ الحملة الأخيرة التي بدأت أواسط العام الماضي نحو 1500 نفق على الشريط الحدودي.
أما المواطن محمود خالد فأكد أن ظاهرة الأنفاق تتحول تدريجيا إلى ذكرى من الماضي، موضحا أن الحدود المصرية مع قطاع غزة أغلقت كليا، ولم يعد هناك أي إمكانية لإدخال السلع مجددا.
وبين خالد وكان يمتلك حصة في نفق أن هناك إجراءات مصرية تتخذ حاليا ربما تكون أعمق من مجرد إغلاق الأنفاق، وهي محاولات لمنع حفر المزيد منها مستقبلا، مثل إغراق التربة بالمياه، وخلق مناطق عازلة، ووضع حجارة في الأرض، وفرض رقابة صارمة على منطقة الحدود، ناهيك عن القيود المشددة على دخول البضائع والوقود إلى شبه جزيرة سيناء ككل.
وأضاف أن عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عشرة أشهر باتت من المستحيل، كما أن البدائل الأخرى التي يلجأ إليها البعض مثل التهريب عبر البحر لن تدوم طويلا، معتبرا أنه لم يعد هناك حل لجلب البضائع من مصر سوى تجارة الشنطة عبر المعبر شبه المغلق، وهذا أمر غير مجد على الإطلاق.
ويقول العامل محمد أبو جزر إنه كان يتقاضى أجرة يومية مقابل عمله في الأنفاق تتراوح بين 40 و50 شيكلا، كان يعيل بها أسرته المكونة من تسعة أشخاص، بمعاونة شقيقه الذي كان يعمل برفقته، وأضاف أنه فقد عمله كغيره من آلاف العمال منذ إغلاق الأنفاق وتوقف التهريب، وباتت أسرته تعاني العوز، تعتمد على معونات وكالة الغوث كمصدر شبه وحيد للعيش.
وفقدت مدينة رفح أهميتها التجارة كعاصمة اقتصادية للقطاع منذ إغلاق الأنفاق، وباتت من أشد مدن القطاع فقرا، بعد أن هجرها العمال والمستثمرون، وتضرر بفعل ذلك القطاع التجاري وقطاع المواصلات وقطاعات أخرى.
إقرأ المزيد